[size=32]بسم الله الرحمن الرحيم . [/size]
[size=32]لقد أمر الله عز وجل المومنين إذا بلغهم قوله او قول نبيه عليه افضل الصلاة والسلام[/size]
[size=32]أن يجيبوا لما دعاهم اليه من الأيمان والتوحيد والعلم النافع والعمل الصالح , ويدعوا[/size]
[size=32]ما خالف ذالك من الهوى والشبه والرأي الفاسد والتقليد الأعمى , وتكون استجابتهم [/size]
[size=32]تامة إذ لا تنفع الاستجابة بالبدن والجوارح إذا لم تكن الاستجابة بالقلب . [/size]
[size=32]" يأيها الذين ءامنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا ان الله يحول[/size]
[size=32]بين المرء وقلبه وأنه اليه تحشرون " . [/size]
[size=32]وأخرج البخاري عن ابن سعيد قال : كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله عليه \[/size]
[size=32]الصلاة والسلام فلم أجبه , فقلت يارسول الله ني كنت اصلي فقال : " الم يقل الله : " [/size]
[size=32]استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ..." ؟ [/size]
[size=32]فهذه هي الحياة في الأستجابة لله وللرسول وهي حياة طيبة نافعة ينعم بها الله على من [/size]
[size=32]استجابة له ولرسوله ظاهرا وباطنا .. فمن كان ذالك فهو الحي وإن مات بدنه , وأما [/size]
[size=32]من لم يستجب فهو ميت القلب وإن كان حي البدن لأن حياته حياة بهيمية كسائر حياة[/size]
[size=32]الحيوانات , لهذا وصف الله الكفار اموات وإن كانوا احياء " أموات غير أحياء " . [/size]
[size=32]وقال ايضا " إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين " . [/size]
[size=32]فكم من حي في الموتى وكم من ميت في الأحياء ؟ ! . [/size]
[size=32]ليس من مات فاستراح بميت .... إنما الميت ميت ألحياء . [/size]
[size=32]ولهذا شبه الله لمن لم يستجب له ولرسوله بأصحاب القبور , إذ ماتت قلوبهم فقبرت في [/size]
[size=32]أبدانهم , وموت قلوبهم سببه انعدام روح الإيمان والعلم والهدى فيها " إن الله يسمع من [/size]
[size=32]يشاء وما أنت بمسع من في القبور " [/size]
[size=32]ولقد أصاب من قال واصفا لهم : [/size]
[size=32]لا تعجبن الجهول حلته ...... فذاك ميت وثوبه كفن . [/size]
[size=32]وقال آخر أيضا : [/size]
[size=32]وفي الجهل قبل الموت موت لأهله ,,, واجسامهم قبل القبور قبور [/size]
[size=32]وارواحهم في وحشة من جسومهم ,,,, وليس لهم حتى النشور نشور . [/size]
[size=32]وقد جعل الله من لم يوحده وجهل شرائع دينه وترك طاعته بمنزلة الميت , وإنما تكون [/size]
[size=32]حياته بإحياء الله له بروح جديدة غير الروح التي تحيا بها الأبدان , وهي روح الأيمان [/size]
[size=32]ونور الرسالة . قال تعالى : [/size]
[size=32]" أومن كان ميتا فأحيينه وجعلنا له نورا يمشي به كمن مثله في الظلمت ليس بخارج [/size]
[size=32]منها كذالك زين للكفرين ما كانوا يعملون " . [/size]
[size=32]قال ابن القيم رحمه الله تعالى " أصل كل سعادة وخير للعبد بل لكل حي ناطق : كمال [/size]
[size=32]حياته ونوره ,, فجمع بين الأصلين : الحياة والنور , فبالحياة تكون قوته وسمعه وبصره [/size]
[size=32]وحياؤه وعفته وشجاعته وصبره وسائر اخلاقه الفاضلة , ومحبته للحسن وبغضه للقبيح [/size]
[size=32]فكلما قويت حياته قويت فيه هذه الصفات .. فالقلب الالصحيح الحي : إذا عرضت عليه [/size]
[size=32]القبائح نفر منها بطبعه وأبغضها , ولم يلتفت إليها , بخلاف القلب الميت : فإنه لا يفرق [/size]
[size=32]بين الحسن والقبيح " . [/size]
[size=32]لأن في الحقيقة لا يستطيع ألأنسان أن يعيش الا بنوعين من الحياة مجتمعتين إذ بقاؤه[/size]
[size=32]موقوف عليهما معا : [/size]
[size=32]أولاهما : حياة بدنية ماددية وتكون بنفخ الرسول الملكي فيه من روح الله فيصير حيا [/size]
[size=32]بعدما كان في العدم . [/size]
[size=32]والأخرى : هي حياة روحية قلبية , فمن حيي قلبه بالوحي وعمل به , تمتع بحياة طيبة [/size]
[size=32]أبدية دائمة سرمدية لا نهاية لها قال تعالى " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مومن [/size]
[size=32]فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " . [/size]
[size=32]وأما من مات قلبه وفقد روح الأيمان , واعرض عن الحق , وغفل عن الشرع , وفقد [/size]
[size=32]ضاعت حياته , وفاتته الحياة السعيدة في الدارين , إذ يعيش في هذه الدنيا معيشة ضنكا [/size]
[size=32]ويحشر يوم القيامة أعمى . [/size]
[size=32]وعلى العبد أن يعلم أن الله إذا فتح عليه أبوب الخير ولم يسلكها , وكانت له فرص البر [/size]
[size=32]فلم ينتهزها , فإنه يعاقب بأن يحول الله بينه وبيني إرادته - جزاء وفاقا - فلا يستطيع [/size]
[size=32]الا ستجابة وإن سعى اليها , ولا يصل إلى الهدى وإن اراده " ونقلب أفئدتهم وأبصرهم [/size]
[size=32]كما لم يومنوا به أول مرة ونذرهم في طغينهم يعمهون " [/size]
[size=32]وقال أيضا " فلما أزاغوا أزاغ الله قلوبهم " . [/size]
[size=32]نسأل الله ان يثبت قلوبنا على الأيمان , ويهدينا للتي هي أقوم , ويوفقنا للعلم النافع [/size]
[size=32]والعمل الصالح , ويتوفانا مسلمين لا مبدلين ولا مغيرين , ولا فاتنين ولا مفتونين , [/size]
[size=32]وآخر دعوانا إن الحمدلله رب العالمين . [/size]
[size=32]مجلة الأحياء .[/size]